معارف الصحيفة السجادية
٦. لا يبخل الله في استجابة طلباتنا، بل دأبه تعالى الإصغاء إلى دعواتنا والتفضّل علينا بما فيه المصلحة لنا، ونعمه تعالى علينا في جميع الأحوال والأحيان سابغة.١
٧. أمرنا الله بالدعاء، وضمن لنا الإجابة، فقال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ( غافر: ٦٠) ، ولهذا ينبغي أن يكون توقّعنا عند الدعاء أنّه تعالى سيقضـي حوائجنا، بل سيعطينا ـ عند اقتضاء المصلحة ـ كلّ ما سألناه، ولا يحجب دعاءنا عنه.٢
٨. لا يخيّب الله طلب من يتوجّه إليه تعالى بانقطاع تام، وإدراك كامل بأنّ المعطي الحقيقي هو الله عزّوجل فحسب، ولا يخذل الباري سبحانه العبد الذي لا يستغني عنه بأحد دونه، والذي لا يقصد في حاجته ـ أوّلاً وبالذات ـ إلّا الله عزّ وجل.٣
٩. دأب الله عزّوجل: تلبية رغبات الراغبين إليه وإن كانوا يستحقون المنع، والتفضّل على السائلين وإن كانوا يستحقون الحرمان.٤
١٦٦١٠. إنّ الله أكرم المسؤولين.١
١١. لا يحقّر الله أهل الحاجة إليه.٢
١٢. من يقصد الله ويتوجّه إليه ويلتمس منه حوائجه الدينية والدنيوية، فإنّه سيجد اللطف والرحمة والعناية الإلهية.٣
١٣. إنّ الله رحيم بمن يتوجّه إليه بالدعاء والمسألة، ومستجيب لمن يتوجّه إليه بالنداء وطلب الحاجة.٤
١٤. إنّ الله يستجيب دعاءنا بتوفيقه ورحمته.٥
١٥. لا يُيئس الله من عطائه المتوجّهون إليه.٦
١٦. يتعامل الله معنا بفضله بخلاف تعاملنا معه، منها:
يستجيب الله دعاءنا بلا تأخير، ويغدق علينا من رحمته ما فيه المصلحة لنا.
ولكن عندما يدعونا الله إليه، فإنّنا نتأخّر في إجابته.٧
سرعة استجابة الدعاء:
١. إنّ للمؤمنين الأبرار ولأهل الخصوصية والعلاقة الوثيقة مع الله مكانة خاصّة بحيث لا يواجه الله دعاء هؤلاء بالردّ وعدم الاستجابة.٨
١٦٧٢. وعد الله «المضطرين» بإجابة دعائهم، وقال تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ ( النمل: ٦٢) ١
٣. لا يخيّب الله طلب الملحّين عليه.٢
٤. من العوامل المؤدّية إلى سرعة استجابة الدعاء هي إبداء الداعي لفقره وفاقته أمام الله واعترافه بغنى الله عنه.٣
٥. استجابة الدعاء أقرب إلى من يتضرّع ويبتهل ويتذلّل إلى الله ويطرح نفسه بين يديه.٤
٦. يستجيب الله دعاء من يسأله ويطلب إليه ويرغب فيه.٥
٧. كلّ من يبتغي استجابة دعائه والفوز بمسألته، عليه أن يسأل الله ليجعله ممن ينتهي طلبه إلى النجاح ونيل المطلوب.٦
عدم استجابة الدعاء:
١. من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يجعل العبد لله ضدّاً ومخالفاً أو يدعو مع الله نداً ومماثلاً.٧
١٦٨٢. نستعين على قضاء حوائجنا بالدعاء، وتمام الدعاء الطلب منه تعالى بأن لا يواجه دعاءنا بالرفض وعدم القبول، بل يستجيب دعاءنا ويوفّقنا إلى العودة إليه مرّة أخرى للدعاء وطلب الحوائج.١
٣. مادمنا نعيش حالة العناد في معصية الله، فإنّه تعالى سيواجهنا بردّ تكون نتيجته إلحاق الضرر بنا.٢
الدعاء النافع:
١. من نعم الله علينا أن يهب لنا وعياً يؤدّي إلى رفع مستوى أدعيتنا، لتكون من أدعية المصلحين لا من أدعية أصحاب الأفق الضيّق الذين يطلبون من الله ما ليس بمصلحتهم ومصلحة غيرهم.٣
٢. تحتّم علينا الرؤية ذات الأفق الواسع أن لا نقتصر على طلب الأمور التي نراها صالحة لأنفسنا، بل نطلب من الله أن يفعل بنا ما هو الأصلح لنا؛ لأنّه تعالى أعلم بنا بما هو أنفع لأمر دنيانا وآخرتنا.٤
٣. قد نعيش حين الدعاء حالة الغفلة عن طلب ما يصلحنا في أمر دنيانا وآخرتنا، وقد ننسى سؤال ما هو خير لنا، ولهذا تتطلّب منّا الرؤية الشمولية أن نطلب من الله أن يمنّ علينا بكلّ ما هو نافع لنا في الدنيا والآخرة، وأن يتفضّل
١٦٩علينا بكلّ خير أظهره أو أخفاه، أعلنه أو أسرره.١
٤. قد نغفل وننسى بعض متطلباتنا واحتياجاتنا عند الدعاء من الله تعالى، ولهذا علينا أن نسأل الله ليتفضّل علينا، فيرزقنا أيضاً ما غفلنا عنه ففاتنا ذكره ونسينا بيانه في الدعاء.٢
الدنيا
الدنيا متجر أولياء الله:
١. جعل الله الحياة الدنيا متجراً للعباد، فقدّر إزاء أداء الطاعات وفعل الصالحات الربح الوافر المتمثّل بحسن الجزاء، ودعا العباد إلى تجارة لن تبور، وهذا ما يحتّم علينا الدعاء من الله ليجعلنا من الرابحين في هذه التجارة.٣
٢. كلّ ما نبتغيه في حياتنا كهدف أساسي خُلقنا من أجله هو نيل الأمور الحسنة، ولهذا ندعو الله عزّ وجل: «ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة».٤
٣. الحياة الدنيا ليست إلّا فرصة قصيرة وفّرها الله لنا لننتهزها كفرصة، ونملأها بطاعة الله وعبادته.٥
١٧٠حبّ الدنيا:
ينبغي أن ننزع من قلوبنا حبّ الدنيا المتّصفة بالأمور التالية:
١. الدنيا الدنية.
٢. الدنيا التي تنهى عن نيل ما عند الله من أجر وثواب.
٣. الدنيا التي تصدّ عن ابتغاء الوسيلة إلى الله.
٤. الدنيا التي تدفع الإنسان إلى الغفلة عمّا يقرّبه من الله.١
عند تعارض الدين والدنيا:
إذا دار بنا الأمر بين مفترق طرق، يؤدّي أحدهما إلى انتقاص ديننا وتخلّينا عن التزاماتنا الشرعيّة، ويؤدّي الآخر إلى انتقاص دنيانا وذهاب بعض منافعنا الدنيوية، فعلينا أن نفضّل ديننا على دنيانا، ونختار خسارة مصالحنا الدنيوية، ولا نسمح لأنفسنا إلحاق الضرر بمصالحنا الأخروية الباقية.٢
ذكر الله
ينبغي علينا أن نجدّد ذكرنا لله، ولا سيّما عند انتباهنا بأنّا نعيش حالة الغفلة وحالة النسيان لنعم الله تعالى، فنبادر إلى ثناء الله والاعتراف بما أحسن إلينا.٣
١٧١١. ينبغي علينا عدم نسيان ذكر الله خلال تمتّعنا بنعمه وخيراته، وعدم الغفلة عن إحسانه تعالى عندما يشملنا بألطافه وجميل صنعه، سواء كنّا في سعة أو شدّة، عافية أو بلاء، بؤس أو نعماء، فقر أو غنى.١
٢. ينبغي علينا استبدال ذكر الأمور التافهة بذكر الأمور المهمّة كذكر عظمة الله والتفكّر في قدرته تعالى.٢
٣. أفضل حلّ لحالة نسيان الاهتمام بطاعة الله هو توفير الأجواء المناسبة التي تأخذ بقلوبنا إلى ذكر الله عزّوجل والرغبة في طاعته تعالى.٣
من آثار ذكرنا لله تعالى:
ذكر الله شرف للذاكرين؛ لأنّ الذكر يذكره الله، وقد قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ ( البقرة: ٥٢) ، وبه تعلو منزلة الشاكر وينال الشـرف والرفعة، ولهذا علينا أن نشغل قلوبنا بذكر إلهي لا يزاحمه ذكر شيء من الأمور الدنيوية.٤
نيل التوفيق لذكر الله:
لا يستطيع الإنسان أن يذكر الله إلّا أن يتفضّل الله عليه ويوفّقه إلى ذلك.٥
الذنوب
١٧٢١. ارتكابنا للذنوب يعني استخفافنا بوعد الله، وانتهاكنا لحرماته، وتجرّينا عليه تعالى، وهذا ما يؤدّي بنا إلى الوقوع في أودية الذلّة والشقاء والهلاك.١
٢. عندما نعصي الله فإنّنا نقتحم بذلك أودية الهلاك، ونسلك سبل الغواية، ونتعرّض فيها لسخط الله وبطشه، فنستحق بذلك الجزاء والعقوبة.٢
الآثار السلبية للذنوب:
١. تبعدنا الذنوب عن الله، وتشكّل سبباً لمعيشتنا في دائرة الحرمان والخيبة من الله، ومصير الابتعاد عن الله هو الخيبة الخاذلة والشقاء الأشقى والعذاب الدائم.٣
٢. طبيعة الذنوب والخطايا أنّها تترك صاحبها وحيداً فريداً لا ناصر ولا معين له من الصالحين والتوفيقات الإلهية.٤
٣. الذنوب توقع الإنسان في أسرها، وتسلب منه الحرية في الحركة، وتقيّده
١٧٣بنفسها، ولا سيّما الذنوب التي يستمر الإنسان على تكرارها.١
٤. الذنوب تستعبد صاحبها، وتوقعه في أسرها، وتثقل كاهله، والسبيل للتحرّر من هذا الاستعباد والأسر والشدّة هو الالتجاء إلى العفو والمغفرة الإلهية.٢
٥. المعاصي والآثام تحبط وتفسد وتبطل الحسنات وتمحو آثارها الإيجابية.٣
٦. الذنوب تفحم العبد، وتقطع مقالته، ولا تبقي له حجّة ليحتجّ بها على الله أو يطالب بها ربّه إسقاط ذنوبه أو التكفير عن سيّئاته.٤
٧. الذنوب تصيبنا بالضياع والحيرة في طريق الاستقامة، وتبعدنا عن الهدف الأساسي الذي خلقنا من أجله.٥
٨. مصير المعاصي هو الخزي والفضيحة أمام أولياء الله يوم القيامة.٦
دوافع ارتكاب الذنوب:
١. الجهل.٧
٢. خواطر السوء.
تزيّن خواطر السوء للإنسان ارتكاب الذنوب، فإذا فسح الإنسان المجال
١٧٤لخواطره،
فإنّها ستوفّر له أجواء تجعله أقرب إلى التقصير وارتكاب
الذنوب.١
٣. الأهواء والشهوات.
إنّ للأهواء والشهوات قوّة تدفع الإنسان نحو ارتكاب المحرّمات، ولابدّ للإنسان الذي يرغب في الامتناع عن ارتكاب المحرّمات حلّ المشكلة من جذورها، والبحث عن السبل التي تتيح له تطويق أهوائه وشهواته، وتقلّل من ضغطها وتأثيراتها السلبية.٢
٤. الرذائل النفسية.
تعدّ الرذائل النفسية ـ ولاسيّما الحرص ـ من عوامل إيقاع الإنسان في الإثم والخطيئة، ولابدّ للإنسان الراغب في صيانة نفسه أن يبادر إلى حلّ المشكلة من جذورها والقيام بتطهير نفسه من الرذائل ليسعه إبعاد نفسه عن الإثم والخطيئة.٣
الاستعانة بنعم الله لارتكاب الذنوب:
يكون العبد أجهل الناس برشده، وأغفلهم عن حظّه، وأبعدهم من صلاح نفسه عندما يستعين بنعم الله على معصيته تعالى.٤
١٧٥طبيعة الذنوب:
طبيعة الذنوب زوال لذّتها وبقاء تبعاتها.١
موقف الشيطان إزاء ارتكابنا للذنوب:
يشمت الشيطان ويفرح إزاء مصيبة استحقاقنا للعقاب نتيجة مشايعتنا له في ارتكاب المعاصي، ولهذا ينبغي علينا تركه والإعراض عنه والالتجاء إلى الله من أجل عدم تكرار التعرّض إلى شماتة الشيطان.٢
تغيير تعامل الله معنا عند ارتكابنا للذنوب:
يتعامل الله معنا ـ بعض الأحيان ـ عند ارتكاب الذنوب والمعاصي من منطلق العقوبة المماثلة.٣
الاستعانة بالله للتخلّص من الذنوب:
١. قد نستصعب التخلّص بأنفسنا من ارتكاب الذنوب، فيكون موقفنا الصحيح في هذا المقام الاستعانة بالله ليمنعنا عن التلوّث بالمعاصي.٤
٢. قد يتجرّأ الإنسان على المعاصي ويتجاوز الخطوط الحمراء في هذا الصعيد، فيكون موقفه الصحيح في هذا المقام الاستعانة بالله ليصونه من المعاصي والذنوب.٥
١٧٦٣. ذكر نعم الله يمنع صاحبه من الإصرار على الذنوب والمعاصي.١
٤. يعتبر نيل التوفيق الإلهي أهم وسيلة للاجتناب من المعاصي.
وأبرز وسيلة للحصول على هذا التوفيق هو الدعاء وطلب العون من الله ليقينا ويصوننا من الذنوب والمعاصي، ويؤيّدنا بالتسديد والعصمة.٢
الرجاء من الله
١. إنّ الله هو الملجأ الحقيقي الوحيد للرجاء والأمل.٣
٢. ينبغي أن لا يرجو الإنسان لأمر آخرته ودنياه أحداً سوى الله تعالى.٤
٣. إنّ الله منتهى رجاء الراجين وغاية آمال الآملين؛ ولهذا لا يصحّ توجّه رجاء الراجين إلى غيره.٥
٤. ينبغي أن نعيش حالة الرجاء والأمل برحمة ربّنا، ونبتعد عن حالة اليأس والقنوط؛ لتشملنا بذلك الرحمة الإلهية، ويحقّق الباري عزّوجل لنا ما نرجوه وما نأمله.٦
٥. إذا كان البعض لهم ثقة أو رجاء بغير الله، فينبغي أن تكون ثقتنا ورجاؤنا في جميع الأمور بالله تعالى؛ ليقضي الله لنا بالخير والعافية، وينجينا برحمته الواسعة
١٧٧من مضلّات الفتن.١
٦. إذا كان الله عند العبد أولى من يرجوه، فسيكون هذا العبد أقرب إلى من يعطيه الله ما رجاه، ويؤمّنه مما يحذر، ويحيطه برحمته.٢
قطع الرجاء:
١. لا يقطع الله رجاء العبد من فضله إلّا أن يريد له الشقاء والحرمان، ولكنّه تعالى لا يشقي من يطلب منه السعادة، ولا يحرم من تعلّق أمله بواسع عطائه تعالى وكريم إحسانه.٣
٢. إذا قطع أحد الأشخاص رجاءه من الله تعالى، فلن يجد هذا الشخص بعد ذلك مصدراً يوفّر له النعيم والسعادة.٤
رحمة الله
١. وصف الله نفسه بالرحمة والعفو، وعلينا أن نغتنم هذه الصفة الإلهية،ونطلب من الله عزّوجل أن يرحمنا برحمته الواسعة، ويعفو عن ذنوبنا وخطايانا.٥
١٧٨٢. وسعت رحمة الله كلّ شيء.١
٣. إنّ لرحمة الله الصدارة في تعامله مع عباده، وهي مقدّمة على غضبه.٢
٤. إنّ الله في منتهى الرحمة بحيث يرحم من لا يرحمه العباد، ويعطف على المسيئين الذين لا يتقبّلهم أحد من أبناء المجتمع.٣
٥. الدعاء وسيلة يجعل به الله للداعي نصيباً في رحمته.٤
أشدّ حالات الاحتياج إلى الرحمة الإلهية:
إذا فارقنا الحياة الدنيا، وأُدخلنا في القبر، وتغيّرت صورتنا، وبَليَ جسمنا، وتفرّقت أعضاؤنا، وتقطّعت أوصالنا، ثُمّ انقطع أثرنا من الدنيا، ومُحي ذكرنا بين العباد، وأمسينا من المنسيين كمن قد نسي من قبل، فإنّنا سنكون في تلك الحالة بأشدّ الحاجة إلى الرحمة الإلهية.٥
الرزق
١. لله تعالى خزائن السماوات والأرض، وهو الغني القادر على تلبية كلّ
١٧٩طلباتنا؛ ولهذا يكون الله هو الملجأ الحقيقي لما نرغب إليه.١
٢. إنّ الله هو الملجأ الذي يجدر بنا السؤال منه ليوسّع علينا الرزق الحلال من فضله وجوده وكرمه الواسع.٢
أنواع الأرزاق:
الرزق الإلهي لا يشمل الرزق المادي فقط، بل يرزق الله عباده المؤمنين الخير والعافية والبركة والهدى والعمل بطاعته ونيل الدرجات الرفيعة.٣
الأرزاق بيد الله:
١. إنّ الأرزاق بيد الله، والله تعالى هو الوحيد القادر على أن يغنينا ويوسّع في أرزاقنا، وهو الجهة الوحيدة التي تستحق أن نمدّ إليها يد العون والمساعدة لطلب المزيد من الرزق.٤
٢. ضمن الله أرزاقنا بما فيه الكفاية بحيث لا نحتاج إلى غيره تعالى، وقال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ (الذاريات: ٢٢) ، ثُمّ قال: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ (الذاريات: ٢٣)
وينبغي أن نلتفت دائماً إلى هذا الضمان الإلهي لئلا يكون كلّ همّنا في طلب
١٨٠الرزق والمعاش الذي تكفّل الله به.١
٣. جعل الله لكلّ مخلوق رزقاً مقسوماً وسهماً وحصة ونصيباً من نعمه عزّ وجل.٢
٤. يقدّر الله أرزاق خلقه بحيث:
من كتب الله له الزيادة في الرزق لا يستطيع أحد أن ينقص من رزقه شيئاً.
ومن كتب الله له النقصان في الرزق لا يستطيع أحد أن يزيد ما قدّره الله له من الرزق المحدّد، فلكلّ فرد رزقه المقسوم المقدّر له من العلي القدير.٣
العدل الإلهي في تقسيم الأرزاق:
١. يقسّم الله معايش العباد بالعدل، بل دأبه دائماً الإحسان والتفضّل على العباد.٤
٢. بسط الله رزقه لجميع العباد سواء كانوا من المطيعين أو العاصين.٥
صيانة الرزق بالدعاء:
١. قسّم الله الأرزاق بين العباد، ولكن هذه الأرزاق بعض الأحيان مهدّدة
١٨١بالتلف نتيجة تعرّضها للآفات والأضرار، وعلى الإنسان السعي ـ ولو بالدعاء ـ لصيانة هذه الأرزاق من التلف.١
دور الدعاء في طلب الرزق:
١. إنّ للدعاء دوراً كبيراً في نيل الرزق وتسهيل سبل الحصول عليه.٢
٢. إذا تقدّم الإنسان بالسن وضعفت قواه وانقطعت قوّته، فإنّه سيكون أحوج إلى الدعاء من الله ليرزقه رزقاً واسعاً يحصل عليه من غير كدّ ولا بذل جهد أو مشقة.
كما أنّه بحاجة إلى القوّة القوية عندما يحيطه التعب والإعياء ليتمكّن من أداء أفعاله ذات الشدّة والمشقة.٣
٣. يستوجب طلبنا للرزق ـ بعض الأحيان ـ تحمّل العناء والانشغال الفكري الذي يبعدنا عن أداء الفرائض والمستحبات بالصورة المطلوبة.
ولهذا ينبغي لنا في هذه الحالات الدعاء من الله ليكفينا مؤونة الاكتساب، ويلبّي احتياجاتنا بسهولة ومن دون طلب، ويرزقنا من غير احتساب كي لا يشغلنا الطلب ولا تمنعنا شدّة تبعات المكسب عن أداء العبادات بالصورة المطلوبة.٤
١٨٢٤. إذا علمنا بأنّنا عاجزون بأنفسنا عن تمشية أمورنا المادية، وعلمنا بأنّنا إذا توجّهنا إلى الغرباء لمساعدتنا، فإنّهم سيواجهوننا بوجوه عبوسة وكريهة، وعلمنا بأنّنا إذا قصدنا أقرباءنا، فإنّهم سيحرموننا أو سيعطوننا القليل وسيمنّون علينا ويذمّوننا كثيراً، فإنّنا سنعي بأنّ أملنا ينبغي أن يكون بالله في تمشية أمورنا المادية، وعلينا أن ندعو الله عزّوجل دائماً بأن لا يكلنا إلى أحد من خلقه، بل يتفرّد بحاجتنا ويتولّى كفايتنا ويشملنا في جميع أمورنا برحمته وعونه.١
خصائص الرزق الإلهي:
١. وفّر الله لعباده طيّبات الرزق.٢
٢. لا يكدر الله عطاءه للعبد بالمن عليه، وإذا منع الله عبداً من العطاء فلا يكون هذا المنع ظلماً؛ لأنّه تعالى لا يعطي ولا يمنع إلّا لوجود حكمة اقتضتها معرفته تعالى بالمصلحة.٣
البركة في الرزق:
نحتاج في أرزاقنا وفيما يعطينا الله حقّ التصـرّف فيه، وفيما ينعم به علينا إلى
١٨٣البركة؛ لننال بذلك الزيادة التي لم نتوقّعها في أرزاقنا وممتلكاتنا وما ينعم الله علينا.١
الابتلاء في الرزق:
١. إنّ الاختبار الذي نواجهه عندما يضيّق الله علينا أرزاقنا هو سوء الظن، وترك مصدر الرزق الحقيقي وهو الله، والتماس الرزق ـ نتيجة قصورنا الفكري ـ من عباد الله المحتاجين إلى الرزق الإلهي.
والحلّ هو التوجّه إلى الله ليهب لنا يقيناً صادقاً بأنّ الرزق من الله، فيكفينا هذا الاعتقاد التكالب على متاع الدنيا وطلب الرزق بجشع ونهم، ويلهمنا ثقة خالصة يعفينا بها من شدّة التعب في إنهاك أنفسنا في طلب ما ليس برزق لنا.٢
٢. قد يجد الإنسان بأنّ غيره يتمتّع بالرزق أكثر منه، فيثير هذا الأمر في نفسه شعوراً يدفعه إلى الحسد أو الاعتراض على قضاء الله وقدره.
كما قد يجد الإنسان بأنّ غيره يتمتّع بالرزق أقل منه، فيثير هذا الأمر في نفسه شعوراً يدفعه إلى الغرور أو التكبّر أو استصغار شأن الفقراء والمساكين.
وينبغي على الإنسان الوقوف أمام هذا الشعور لئلا يترك أثره السلبي، والسبيل إلى ذلك هو رفع مستوى الوعي والإلمام بأنّ الأرزاق بيد الله، وأنّ الاختلاف في الأرزاق وسيلة لاختبار العباد، وأنّ الحياة الدنيا دار ابتلاء؛ ليجد
١٨٤ الله مدى شكر الغني، ومدى صبر الفقير، والعاقبة للمتقين.١الشكر المطلق لله إزاء ما يرزقنا:
لولا أن يعطينا الله من رزقه لما استطعنا أن نعطي الآخرين شيئاً، فلهذا كلّ ما نعطيه فإنّه من فضل ما أعطاه الله إيانا، وعلينا أن نسأل الله المزيد من العطاء.٢
|
صفات النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله):
١. الأمين على وحي الله.٣
٢. خيرة الله من خلقه.٤
٣. المصطفى.٥
٤. عبد الله. [دعاء٦و ٤٨]
٥. حبيب الله. [دعاء ٤٨]
٦. صفوة الله. [دعاء ٤٨]
٧. رسول الله. [دعاء٦و ٤٨]
٨. سيّد المرسلين. [دعاء ١٧]
١٨٥٩. خاتم النبيين. [دعاء ١٧]
١٠. إمام الرحمة. [دعاء ٢]
١١. مفتاح البركة. [دعاء ٢]
١٢. قائد الخير. [دعاء ٢]
١٣. النجيب. [أي: الكريم، النفيس]١
١٤. المنتجب. [دعاء ٤٧]
١٥. المكرَّم. [دعاء ٤٧]
١٦. المقرَّب. [دعاء ٤٧]
جهود رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل الله:
١. ألقى الله على عاتقه رسالته، فأدّاها.٢
٢. أمره الله بالنصح لأمّته، فنصح لها.٣
٣. بلّغ الرسالة الإلهية بأتمّ صورة ممكنة، وجهر بدين الله، وبيّنه للناس بأفضل شكل، وبذل كلّ جهده ومساعيه لنصيحة العباد.٤
٤. أتعب نفسه في سبيل القيام بماأمره الله عزّ وجل.٥
٥. عرّض بدنه للمكروه في سبيل الله تعالى.٦
١٨٦٦. دعا عشيرته الأقربين بصراحة وبكلّ جرأة إلى الدين الإلهي الحنيف.١
٧. حارب أسرته في سبيل الله، وقطع رحمه من أجل إحياء دين الله عزّ وجل.٢
٨. أبعد الأقربين من ذوي الرحم والقربى وعاداهم؛ لأنّهم جحدوا الحقّ.
وقرّب الأباعد من الغرباء والأجانب ووالاهم؛ لأنّهم استجابوا للحقّ.٣
٩. أجهد نفسه في تبليغ رسالة الله، وأتعبها في سبيل الدعوة إلى دين الله، وشغلها بتقديم النصائح والمواعظ لمختلف طبقات الناس، ولاسيّما لمن كان يرجو فيه قبول دعوة الحقّ.٤
١٠. ترك مسقط رأسه ومحلّ استقراره ووطنه الحبيب، وهاجر إلى بلاد الغربة والمكان البعيد؛ طلباً لأنصار يجاهدون معه لدحض راية الكفر ورفع راية الإسلام، وواصل جهاده حتّى بلغ الفتح.٥
١١. توجّه رسول الله| بعد أن استتبّ الأمر له في المدينة نحو مكّة من أجل إعلاء كلمة الله فيها، واستعان بالله لنيل الفتح، وتقوّى على ضعفه بنصـر
١٨٧الله، وغزا مشركي مكّة في عقر ديارهم، وهجم عليهم وهم في مقرّ إقامتهم ومحلّ استقرارهم حتّى تمكّن من إظهار أمر الله ولو كره المشركون.١
منزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الله:
١. إنّ الجهود التي بذلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل الله هي التي جعلته ينال الدرجات الرفيعة عند الله ويكسب الدرجة العليا من الجنّة بحيث لا يساوي منزلته ولا يماثل رتبته ولا يوازي مكانته عند الله ملك مقرّب ولا نبي مرسل.٢
٢. سيجازي الله نبيّه (صلى الله عليه وآله) بما بلّغ من رسالاته وأدّى من آياته ونصح لعباده وجاهد في سبيله أفضل ما جزى أحداً من ملائكته المقرّبين وأنبيائه المرسلين المصطفين.٣
شرّفنا الله بمحمّد (صلى الله عليه وآله):
شرّفنا الله بمحمّد (صلى الله عليه وآله)، وأنعم علينا به نعمة الإسلام الذي فيه لنا الشـرف والجاه والفوز العظيم.٤
وأوجب الله لنا الحقّ على الخلق بسبب النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله).٥
١٨٨رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومقام الشفاعة:
١. إنّ الجهود التي بذلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل الله أوصلته إلى نيل مقام الشفاعة، وسيعطي الله لنبيّنا (صلى الله عليه وآله) مجال الاستفادة من الشفاعة يوم القيامة أكثر مما وعده؛ لتتجلّى منزلته (صلى الله عليه وآله) بأسمى درجاتها عند أهله الطاهرين وأمّته المؤمنين.١
٢. إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) في يوم القيامة أقرب النبيين إلى الله، وأقدرهم على الشفاعة، وأعلاهم منزلة، وأعظمهم وجاهة عند الله عزّ وجل، وقد رجّح الله كفّة حسناته وقبل شفاعته وقرّب وسيلته ورفع درجته.٢
وظيفتنا إزاء الرسول (صلى الله عليه وآله):
وظيفتنا إزاء الرسول (صلى الله عليه وآله) هي التمسّك بسنّته حتّى يتوفّانا الله على ملّته، والأخذ بمنهاجه، والسير وفق سبيله، والالتحاق بأهل طاعته حتّى يحشـرنا الله في زمرته (صلى الله عليه وآله) ويوردنا حوضه ويسقينا منه شربة لا نظمأ بعدها أبداً.٣
وظيفنتا إزاء محمّد وآل محمّد (صلى الله عليه وآله):
١. اتّباع أمرهم. ٢. نصرتهم.٤
١٨٩أهم ما ندعو به لرسول الله (صلى الله عليه وآله):
١. «اللهم
فصلّ على محمّد وآله، أكثر ما صلّيت على أحد من خلقك، وآته عنّا أفضل ما آتيت
أحداً من عبادك [أي: أعطه عنّا من الثواب أفضل ما أعطيت أحداً من عبادك]، وأجزه عنّا
[نتيجة الجهود التي بذلها لهدايتنا] أفضل وأكرم
ما جزيت أحداً من أنبيائك عن أمّته [لأنّه لم يؤذ نبي كما أوذي نبيّنا
محمّد (صلى الله عليه وآله)]».١
رضا الله
١. ينبغي لنا مراقبة أعمالنا وسلوكنا وتصرّفاتنا وأقوالنا لتكون بصورة نحرز بها رضا الله عنّا، وينبغي أن لا نتّبع في حياتنا إلّا الطرق المؤدّية إلى رضا الله عنّا.٢
٢. الإطار العام الذي ينبغي أن يرسمه الإنسان لنفسه في حياته:
أوّلاً: يشغل نفسه بالأعمال الموجبة لرضا الله عنه.
ثانياً: يبعد نفسه عن الأعمال الموجبة لسخط الله عليه.٣
٣. الحياة الطيّبة هي التي تكون فيها إرادة الإنسان منسجمة مع رضا الله وبعيده عن سخطه تعالى.٤
١٩٠٤. «رضا الله» هو المعيار لنيل المكانة والمنزلة عنده تعالى، وبمقدار رضا الله عنّا سنحصل على المنزلة الرفيعة والمقام الكريم عنده عزّ وجل.١
٥. ينبغي علينا لحاظ مرضاة الله في أعمالنا، وأن لا نترك شيئاً من دين الله مخافة أحد من العباد.٢
٦. إنّ رضا الله أكثر من سخطه.٣
الرفاه في العيش:
الراحة والدعة في الحياة ـ بصورة عامة ـ خير، والشدّة والتعب في الحياة حرمان، وعلى الإنسان السعي لطلب الخير والابتعاد من الحرمان.٤
حسن وقبح الرفاه في العيش:
يترك سلوك الإنسان وموقفه من الرفاه في العيش الأثر على حسن وقبح الرفاه.
و«الرفاه الحسن» يكون فيما لو كان الرفاه تمهيداً للجد والاجتهاد في ميادين العمل في سبيل الله.
و«الرفاه القبيح» يكون فيما لو كان الرفاه سبباً للغفلة والابتعاد عن أداء الوظائف الدينية.
١٩١وعلينا الطلب من الله ليمنحنا حسن الدعة والراحة في العيش، ويبعدنا عن الرفاه القبيح.١
الزهد
دوافع الزهد:
يحتاج الإنسان من أجل التحلّي بالزهد والإعراض عن التعلّقات الدنيوية المذمومة إلى فراغ البال والخلاص من الاشتغال بهذه التعلّقات.٢
أثر الزهد:
الزهد في الدنيا يزيد في رغبة الإنسان وكثرة شوقه للآخرة.٣
ستر الله
الله ستّار العيوب:
١. إنّ الله ستّار العيوب.
ولو التفتنا إلى أنفسنا لرأينا:
كم لدينا من عيوب سترها الله ولم يكشفها للخلائق.
وكم صدرت منّا سيّئات غطّاها الله، ولم يشهرنا أمام الآخرين.
وكم ارتكبنا من ذنوب ومعاصي ولكنّه تعالى لم يهتك عنّا سترها، ولم يلبسنا العار
١٩٢ والفضيحة، ولم يكشف سوءتنا لينتهز مخالفينا وحسّادنا الفرصة للإطاحة بنا.١٢. يستر الله عيوب من يستحقون الفضيحة، ولو شاء الله أن يفضحهم لفضحهم، لكنّه تعالى ستّار العيوب، وهو المتفضّل على عباده المسيئين في عدم كشف وهتك أستارهم.٢
٣. عندما نرتكب النواهي ونتجاوز الحدود ونكتسب السيّئات ونقترف الخطايا، فإنّ الله هو المطلّع علينا دون الناظرين، والقادر على إفضاحنا، ولكنّ الله يتفضّل علينا، ويحيطنا بعافية، فيستر علينا، ويحجب أبصار الآخرين عنّا، ويسدّ أسماعهم لئلا نفتضح أمامهم.٣
الحكمة من ستر الله:
يستر علينا الله قبائحنا ويخفي علينا؛ ليكون ذلك واعظاً لنا، وزاجراً عن سوء الخلق واقتراف الخطيئة، وسعياً إلى التوبة واتّباع السبل الحسنة وتدارك ما فات.٤
١٩٣حمد الله إزاء ستره:
إنّ الله ستّار العيوب، فكم ارتكبنا الأفعال القبيحة والشنيعة، لكنّه تعالى لم يشهرنا ولم يفضحنا، بل ستر علينا، وكأنّنا لم نفعل شيئاً، وهذا الأمر بذاته يستحق منّا الحمد لله سبحانه وتعالى.١
ستر الله لطف إلهي:
من لطف الله بعباده أنّه يستر معاصيهم ولا يفضحهم بها ولا يشهرهم بين الناس.٢
أهمية ستر الله:
١. يريد الله أن يستر ذنوب عباده ولا يريد أن يفضحهم أو يكشفها أمام الآخرين ليسقطهم من أعينهم.٣
٢. لو لا ستر الله على قبائحنا كنّا من المفضوحين أمام الآخرين.٤
حدود ستر الله:
يستر الله ذنوبنا ولا يكشفها لدى الملائكة لئلا يفتضح أمرنا، ولكن لهذا الستر حدّ يرتبط بعملنا وموقفنا، وعلينا السعي ـ عن طريق العمل الصالح أو التوبة
١٩٤أو الدعاء ـ لئلا يؤول أمرُنا إلى حدّ الافتضاح.١
ستر الله في الآخرة:
١. قد يسترنا الله بعفوه ويتغمّدنا بفضله في الدنيا أمام من نعرفهم ويعرفوننا، ولكن الدنيا دار فناء، ونحن أحوج ما نكون إلى الستر وعدم الافتضاح في دار الآخرة ـ دار البقاء ـ عند مواقف الأشهاد من الملائكة المقرّبين والرسل المكرّمين والشهداء والصالحين.٢
٢. ما نأمله من الله أن يستر علينا معاصينا ولا يفضحنا كما أمهلنا فترة،ولم ينتقم منّا بعد صدور المعصية منّا.٣
الاعتراف بأسرارنا أمام الله:
إنّنا نحاوّل إخفاء سيّئاتنا وأفعالنا القبيحة عن الآخرين كالجيران والأقارب؛ لأنّنا نستحي أن يتعرّفوا على خفايا أنفسنا فيفضحونا أمام الآخرين، ولكنّنا عندما نبيّن لله أسرارنا ونعترف أمامه في الدعاء بذنوبنا ومعاصينا، فذلك لأنّنا نثق بأنّه تعالى ستّار العيوب وأعظم من يعتمد عليه وأنّه أرحم الراحمين.٤
١٩٥سوء أدبنا مع الله:
من سوء أدبنا مع الله أنّه تعالى يستر عيوبنا، ولكن لا يمنعنا ولا يردعنا هذا الستر عن الاستمرار في ارتكابنا لأعمال السوء.١
سلطان الله
١. جميع المخلوقات الإلهية في قبضة الله، وكلّها خاضعة لله ومنقادة للعمل في دائرة مشيئة الله، وكلّها غير قادرة على أن تفعل شيئاً إلّا بإذن الله.٢
٢. إنّ لسلطان الله عزّاً لا حدّ له بأوّلية، ولا منتهى له بآخريّة، أي: ليس له أوّل يبتدأ به، وليس له آخر ينتهي إليه.٣
٣. إنّ الله في منتهى العظمة بحيث يخضع الملوك لعظمته، وقد ذلّت أعناقهم أمامه وهم من سطوته خائفون.٤
٤. إنّ لله تعالى السلطة المطلقة، ولا يستطيع أحد أن يقف في وجه السلطان الإلهي أبداً.٥
٥. تتّصف الهيمنة الإلهية بمنتهى النفوذ والسيطرة والاقتدار بحيث لا يقدر
١٩٦أحد على إيصال الضرر بها أبداً.١
٦. تعيش الكائنات الحيّة كلّها في ظلّ الهيمنة الإلهية، وأنّى لها الهروب منه تعالى وهي لا حياة لها إلّا برزقه تعالى، ولا مكان لها في غير ملكه تعالى.٢
٧. سلطان الله وهيمنته بغير جنود ولا أعوان؛ لأنّه تعالى هو الغني بالذات.٣
سلطان الله وتخلّف العباد عن أوامره تعالى:
١. عدم إيمان بعض العباد بقدرة الله على حقيقتها أو عبادتهم لغير الله لا يخرجهم من دائرة هيمنة الله وسلطانه.٤
٢. شرك العباد بالله وتكذيبهم لرسله لا ينقص من سلطان الله شيئاً قط.٥
٣. عصيان العباد لأوامر الله لا يعني التغلّب على أمر الله، بل منح الله العباد الاختيار، وفسح لهم مجال الطاعة والعصيان؛ ليختبرهم أيّهم أزكى عملاً، ولا يفعل العباد شيئاً إلّا بإذن الله.٦
٤. سلطان الله أعظم، وملكه تعالى أدوم من أن تزيد فيه طاعة المطيعين أو تنقص منه معصية المذنبين.٧
١٩٧العباد في ظلّ سلطان الله:
لا نستطيع أن نحقّق آمالنا ومبتغياتنا إلّا بإذن الله تعالى.
فإذا صرف الله عنّا وجهه الكريم.
وأحال بيننا وبين فضله العظيم.
وقطع علينا الرزق ولم يوفّقنا لنيله.
وحجبنا عن الأسباب الموصلة إلى النعم فلا يكون لنا أيّ سبيل؛ لأنّه تعالى هو المهيمن بعلمه وقدرته وسلطانه على كلّ شيء، والأمور كلّها بيده تعالى، يفعل ويقضي ما يشاء بحكمته وعدله، ولا قوّة لنا على مجاوزة أمره والخروج من سلطانه.١
الشفاعة
١. أفضل شفاعة يجدر بالإنسان رجاؤها هي شفاعة محمّد وأهل بيته عليه وعليهم سلام الله.٢
٢. جعل الله الشفاعة وسيلة يحظى بها الشفيع المقام والمنزلة عند الله، وينال بها المشفوع العفو والمغفرة.
وأمّا الذي لا شفيع له وهو نادم وخائف إزاء ارتكابه لسوء الأعمال وذميم
١٩٨ الأفعال، فعليه أن يدعو الله.١«اللهم... لتسمع سماؤك ومن فيها، وأرضك ومن عليها، ما أظهرت لك من الندم، ولجأت إليك فيه من التوبة، فلعلّ بعضهم برحمتك يرحمني لسوء موقفي، أو تدركه الرقّة عليّ لسوء حالي، فينالني منه بدعوة هي أسمع لديك من دعائي، أو شفاعة أوكد عندك من شفاعتي، تكون بها نجاتي من غضبك وفوزتي برضاك».٢
شكر الله
نيل توفيق الشكر:
١. لا يستطيع الإنسان أن يشكر الله إلّا أن يتفضّل الله عليه ويوفّقه إلى ذلك.٣
٢. لا ينال العبد توفيق شكر الله إلّا أن يلهمه الباري عزّوجل ذلك.٤
الشكر والمعرفة:
الشكر فرع المعرفة، والذين لا يعرفون المنعم ولا يعرفون كيفية حمده، فسيتمتعون بالنعم من دون شكر المنعم.٥
١٩٩بلوغ غاية الشكر:
لا يستطيع أحد أن يبلغ غاية شكر الله تعالى؛ لأنّه بمجرّد أن يشكر الله يحصل له من إحسان الله ما يلزمه الشكر إلى ما لا نهاية له.١
شكر الله المفضّل:
شكر الله المفضّل هو الشكر الذي يقصر عنه شكر كلّ شاكر.٢
شكر الله القليل:
ليس الله ـ كما يظنّ البعض ـ يهتم فقط بشكر العبد المعتد به، ولا يبالي بالشكر القليل، بل الله يشكر العباد إزاء شكرهم له وإن كان شكرهم قليلاً ودون حدّ المطلوب.٣
تقصيرنا في الشكر لله:
١. تقصيرنا في الشكر يؤدّي إلى حرماننا من خير الدنيا والآخرة.٤
٢. إذا قصّرنا في الشكر لله إزاء ما أنعم علينا في اليسـر والعسـر والصحّة والسقم، فإنّنا سنكون بحاجة إلى لطف إلهي ينبّهنا ويلفت أنظارنا إلى هذا
٢٠٠التقصير، لنتدارك الأمر، ونلتزم بالشكر في ظلّ رعاية الله وعنايته.١
آثار شكرنا لله:
١. يؤدّي شكرنا لله تعالى إلى امتلاكنا روح الرضا وطمأنينة النفس في مختلف أحوال الخوف والأمن، والرضا والسخط، الضرّ والنفع.٢
٢. شكر الله فوز للشاكرين؛ لأنّ الشاكر يفوز ويظفر بالمزيد من العطاء الإلهي، وقد قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (إبراهيم: ٧) ، ولهذا علينا أن نشغل ألسنتنا بشكر إلهي لا يزاحمه أيّ شكر لا يكون في امتداد شكر الله تعالى.٣
شكر الله للعباد:
يشكر الله العباد إزاء أعمالهم الصالحة ـ ولو كانت قليلة ـ ويجازيهم في المقابل بأعظم الجزاء وأكبر العطاء.٤
أهم موارد الشكر:
أهم الموارد التي ينبغي أن نشكر الله إزاءها:
١. النعم الواسعة التي أقرّ الله بها أعيننا.٥
٢٠١٢. المعروف الكثير الذي أكرمنا الله به بدون مقابل.١
٣. إبعاد القضاء والقدر المحذور عنّا كالعاهات والمصائب.٢
٤. الموارد المتعدّدة التي صرف الله فيها البلاء والمكروه عنّا.٣
شهر رمضان
أوصاف شهر رمضان:
١. شهر الصيام. ٢. شهر الإسلام.
٣. شهر الطهور. ٤. شهر التمحيص.
٥. شهر القيام.٤
تحديد وقت شهر رمضان:
حدّد الله سبحانه وتعالى وقت شهر رمضان، ولم يجز لأحد أن يغيّر ذلك أبداً.٥
سمات شهر رمضان:
١. شهر الله.٦
٢٠٢٢. عيد أولياء الله.١
٣. أكرم مصحوب من الأوقات.٢
٤. خير شهر في الأيّام والساعات.٣
٥. شهر تحقّق آمال أولياء الله.٤
٦. شهر كثرة الأعمال الصالحة.٥
٧. قرين عظيم القدر.٦
٨. يفجعنا فقدانه.٧
٩. نرجو فيه الرحمة الإلهية.٨
١٠. يؤلمنا فراقه.٩
١١. نألفه ونستأنس به عند إقباله.١٠
١٢. يوحشنا انقضاءه.١١
١٣. شهر رقّة القلوب.١٢
٢٠٣١٤. شهر قلّة الذنوب.١
١٥. يعيننا لننتصر على الشيطان.٢
١٦. يسهّل لنا سلوك طريق الخير.٣
١٧. يكثر فيه من يعتقهم الله من النار.٤
١٨. السعيد من رعى حرمته وأدّى ما وجب فيه.٥
١٩. شهر يمحو الله فيه ذنوب العباد.٦
٢٠. شهر يستر الله فيه عيوب العباد.٧
٢١. ثقيل على قلوب المجرمين بحيث يشعرون بطوله.٨
٢٢. له هيبة في صدور المؤمنين.٩
٢٣. شهر لا تنافسه الأيّام.١٠
٢٤. شهر هو من كلّ أمر سلام.١١
٢٥. من عرفه أحبّ صحبته.١٢
٢٠٤٢٦. يفد علينا بالبركات.١
٢٧. يغسل عنّا دنس الخطيئات.٢
٢٨. نودّعه وكلّنا محبّة وشوق إليه.٣
٢٩. يشتاق إليه أولياء الله قبل قدومه.٤
٣٠. يحزن أولياء الله إذا أشرف على النهاية.٥
٣١. يصرف الله فيه عنّا ببركته الكثير من السوء.٦
٣٢. يفيض الله فيه علينا ببركته الكثير من الخير.٧
٣٣. يرغب أولياء الله في بقائه.٨
٣٤. يشتاق أولياء الله إليه عند مفارقته.٩
٣٥. يتأسّف أولياء الله من الفرص التي فاتتهم فيه.١٠
٣٦. شرّفنا الله به.١١
٣٧. وفّقنا الله بفضله حين جهل الأشقياء وقته.١٢
٢٠٥ السابق اللاحق