معارف الصحيفة السجادية
وإذا احتجنا إلى شيء، فينبغي أن يكون سكون قلوبنا وأنس أنفسنا واستغنائنا وكفايتنا بالله وبخيار خلقه، وأن نبتعد عمّا يدفعنا إلى مدّ أيدينا إلى شخص كافر أو فاجر.١
وبصورة عامة: الكفاية والاستغناء عن العباد وعدم الاضطرار لطلب الحاجة منهم، كالتاج على الرأس توجب لصاحبها الزينة والعزّة والرفعة.٢
دوافع حسن تعامل الآخرين معنا:
تعرّف الآخرين علينا، وازدياد بصيرتهم بما أوجب الله عليهم إزاءنا من حقوق يدفعهم إلى حسن التعامل معنا، وهذا ما يعمّق الصلة بيننا وبينهم، فينالوا وننال بذلك السعادة والسرور نتيجة إحساننا إليهم وإحسانهم إلينا.٣
التنقيص من مكانتنا الاجتماعية:
لا يحقّ للإنسان القيام بما يؤدّي إلى تنقيص مكانته الاجتماعية، والحطّ من مرتبته وقيمته بين الناس لأسباب تافهة.٤
تقوی اللّه
إنّ الله أهل التقوى، وهو الذي يستحق أن يتّقي العباد منه.٥
٨٦أهمية تقوى الله:
أفضل زاد يأخذه الإنسان معه من الدنيا إلى سفره الأخروي هو التقوى، وبهذا تكون رحلة الإنسان متّجهة نحو الرحمة الإلهية، ويكون مدخله في مرضاته تعالى، ويكون مثواه ومحل إقامته الجنّة.١
التقوى والتسديد الإلهي:
يحتاج الإنسان من أجل الالتزام بالتقوى إلى التسديد الإلهي ليحظى بالعناية الإلهية، فيلهمه الله التقوى، ويوفّقه للتي هي أزكى، ويستعمله بما هو أرضى، ويسلك به الطريقة المثلى، ويجعله سائراً على المنهاج الصحيح والطريق القويم، ويجعل حياته ومماته في سبيل الحقّ.٢
ثمار تقوى الله:
١. إذا كان الله عند العبد أحقّ من يخشاه ويتّقيه، فسيكون هذا العبد أقرب إلى أن يؤمّنه الله مما يحذر، ويحيطه برحمته.٣
٢. من يتّقي الله يعصمه الله من الذنوب والزلل والخطأ.٤
٨٧التكليف الإلهي
١. أمرنا الله بأداء بعض التكاليف ليمتحن ويختبر طاعتنا، ومدى صدق سرائرنا، ومقدار رسوخ الإيمان في قلوبنا.١
٢. نهانا الله عن ارتكاب بعض الأفعال ليبتلي شكرنا.٢
وعموماً: أراد
الله منّا «الصلاح» لا «الفساد»، ولهذا أرشدنا الله إلى ما نصلح
به أمورنا الفاسدة، كما أنّه تعالى يصلح الكثير مما فسد من أمورنا الدنيوية
والأخروية.٣
التكليف بما يطاق:
رضي الله من أفعالنا باليسير، وجعل التكاليف العبادية أقل بكثير من طاقتنا وإمكانياتنا.٤
بعبارة أخرى: لم يكلّفنا الله بما لا طاقة لنا به، بل كلّفنا بما هو في وسعنا، بحيث لم يترك لأحدنا الحجّة والعذر في التخلّي عما كلّفنا به.
ولهذا تكون عاقبة مخالفة هذه التكاليف الهلاك.
وتكون عاقبة الالتزام بهذه التكاليف السعادة.٥
٨٨تهذيب النفس
طبيعة النفس البشرية غير المهذّبة:
١. النفس البشرية ـ بطبيعتها ـ كثيرة الجزع، ودأبها عدم تحمّل المكروه وعدم
الصبر عليه.١
٢. النفس البشرية ـ بطبيعتها ـ تدفع صاحبها دائماً إلى اقتحام حرمات الله، والتعدّي على حدوده تعالى، والغفلة عن وعيده.٢
٣. النفس البشـرية ـ بطبيعتها ـ ذات رغبات طائشة لا يهمّها سوى تلبية طلباتها، وينبغي على الإنسان أن يقوم بتهذيب نفسه، لتكون رغباته دائماً نيل ما عند الله عزّوجل.٣
٤. النفس البشرية ـ بطبيعها ـ أمّارة بالسوء ومختارة للباطل، إلّا أن يجاهد العبد نفسه، فيدخل في دائرة الرحمة الإلهية، فلا يكله الله إلى نفسه، بل يحيطه بتسديده وتوفيقه وعنايته، ويساعده على تهذيب نفسه، وتحويلها إلى نفس مطمئنة ومختارة للحقّ.٤
الاستعانة بالله لتهذيب أنفسنا:
قد نضعف في تربية أنفسنا وتزكيتها وكبح جماحها، فلا يكون لنا سبيل لسدّ
٨٩ضعفنا هذا إلّا عن طريق الاستعانة بالله، ليمنحننا من التسلّط على أنفسنا والتمكّن منها ما نحقّق به رضاه عزّ وجل.١
إذن: ينبغي علينا الاستعانة بالله للقيام بإصلاح أنفسنا، والابتعاد عن الصفات التي يبغض الله وجودها فينا، وتحسين سلوكنا وتصرّفاتنا، والمبادرة إلى تنمية مكارم الأخلاق فينا.٢
بعبارة أخرى: إذا أحاطت وساوس أنفسنا بنا، ولم نتمكّن من مواجهتها والتخلّص منها، فالملجأ الوحيد لنا في هذا المجال هو الالتجاء إلى الله، وطلب العون منه تعالى.٣
التوبة
١. إنّ الله هو الملجأ الوحيد لطلب الغفران والتوبة منه تعالى.٤
٢. إنّ الله مقيل عثرة المذنبين، وغافر خطاياهم، وهو تعالى يحبّ التوابين.٥
٣. إنّ الله يتوب عن المذنبين، ويستوهبهم سوء أفعالهم، ويضمّهم إلى كنف رحمته، ويستر عليهم بستر عافيته؛ لأنّه تعالى ذو فضل عظيم.٦
٩٠٤. عوّد الله عباده على قبول التوبة، بحيث كلّما يعود الإنسان إلى الله بالاستغفار والتوبة يعود الله عليه بالمغفرة والإنابة.١
التوبة فرار إلى الله:
١. ينبغي للعبد المسيء أن يفرّ بنفسه إلى الله؛ لأنّه تعالى إليه مفرّ المسـيء، ومفزع المضيّع لحقّ نفسه.٢
٢. لو كان الإنسان المقصّـر في حقّ الله قادراً على الهروب من العقاب الإلهي فالأولى له الهروب، ولكن حيث لا يمكن الهروب، ولا زال الإنسان في هذه الدنيا يمتلك فرصة التوبة إلى الله تعالى، فعليه أن يغتنم هذه الفرصة ويتوب إليه عزّوجل.٣
من خصائص توبة أمّتنا:
تفضّل الله على الأمّة الإسلاميّة في مسألة التوبة، وجعلها لهم أيسر مما كانت عليه الأمم السابقة.٤
مجال التوبة:
لا تقتصر التوبة على ارتكاب الذنوب والمعاصي والآثام، بل ينبغي التوبة من
٩١جميع ما يخالف إرادة الله أو الانحراف عن محبّته تعالى، من قبيل خطرات القلب كالأهواء والميول والأماني والرغبات المذمومة، ومن قبيل خائنة الأعين وزلّات اللسان.١
لزوم التوبة:
١. الذنوب والمعاصي أمور مهلكة للعبد، والملجأ الوحيد للتخلّص منها هو اللجوء إلى الله وطلب التوبة منه والاستجارة به؛ لئلا يخذلنا ويحرمنا ويخيّب آمالنا.٢
٢. كلّ مذنب بحاجة إلى التوبة وطلب الغفران منه تعالى، وتكون هذه الحاجة آكد في خصوص من أثقلت الخطايا ظهره، وضيّع عمره في ارتكاب الذنوب والمعاصي.٣
الدوافع للتوبة:
١. الرحمة الإلهية هي التي تدفع المذنبين إلى الاستغاثة بالله وطلب العفو منه.٤
٩٢٢. الرأفة الإلهية هي التي تحفّز المذنبين على التوبة والإنابة إليه تعالى والتوجّه إلى ما فيه صلاح أمرهم، رجاءً لرحمة الله التي بها فكاك رقاب الخاطئين.١
٣. الخوف من الله هو الذي يدفع الخاطئين وأصحاب الذنوب والمعاصي إلى رفع أصواتهم بالبكاء بين يدي الله طلباً للتوبة والإنابة إليه تعالى.٢
٤. كلّما يكون المؤمن أعرف بما جنى من المعاصي وما ارتكب من الإثم، فإنّه سيمتلك المزيد من المحفّزات للتوبة والاستغفار.٣
٥. إنّ الله «يقبل التوبة» عن عباده، و«يعفو» عن السيّئات، و«يحبّ» التوّابين.
وهذا ما يدفعنا للتوبة:
ليقبل الله توبتنا كما وعد.
ويعفو عن سيّئاتنا كما ضمن.
ويجب لنا محبّته كما شرط.٤
أحوج الناس إلى التوبة:
يكون الإنسان الذي يتغلّب عليه الأمل ويفتنه الهوى وتتملّكه الدنيا ويظلّه الأجل أحوج من غيره للإنابة والتوبة.٥
٩٣التوبة المفضّلة:
ينبغي أن تكون توبتنا كمن أدرك بأنّ أيام عمره ـ وهي فرصته للعمل الصالح ـ قد انقضت، ولكنّه لم يغتنم تلك الفرصة، وقد أشرف الآن على الموت، وأيقن بأنّه لا مفرّ له من عذاب الله إلّا بالإنابة، فيتوجّه إلى الله بإخلاص ليعفو عنه.١
التضرّع في التوبة:
أهم سبيل للنجاة من الله هو التضرّع إليه تعالى.٢
قبول التوبة:
١. أمرنا الله بالتوبة، وضمن لنا القبول، وحثّنا على الدعاء، ووعدنا الإجابة، فمن توجّه إلى الله قبل الله توبته، ولن يجعل حصاده الخيبة؛ لأنّه تعالى هو التوّاب على المذنبين، وهو الرحيم للخاطئين المنيبين.٣
٢. الرحمة الإلهية واسعة بحيث إذا تاب العبد وأناب إلى ربّه بعد الإصرار على عظيم جرمه فلا يحرمه الله من رحمته، بل يحيطه بعفوه ومغفرته.٤
٩٤٣. إنّ الله عطوف بعباده المذنبين، فإذا تابوا فإنّه سيعفو عنهم، ولا يؤاخذهم بما ارتكبوا.١
فتح الله لأبواب التوبة نعمة تستحق الشكر:
١. فتح الله أبواب التوبة لنا، وهذا الأمر بحدّ ذاته نعمة عظمى وفّرها الله لنا بفضله.٢
٢. يستحق الله منّا الحمد والشكر إزاء تفضّله علينا بالصفح الجميل، وتجاوزه عن إساءاتنا وعفوه عن ذنوبنا.٣
دعوة الله العباد إلى التوبة:
١. فتح الله لعباده باباً إلى عفوه سمّاه التوبة، وقد بيّن الله ذلك في محكم كتابه لتكون هذه الباب معروفة عند الجميع ولا يخطؤها من أرادها، فقال تبارك اسمه: ﴿تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي الله النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّك عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ﴾
٩٥ (التحريم: ٨) ، فما عذر من أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب وإقامة الدليل١ ؟!٢. يدعو الله إلى نفسه الذين يبتعدون عنه نتيجة ارتكابهم للذنوب والمعاصي، ويدعوهم إلى التوبة والإنابة والرجوع إليه تعالى.٢
٣. يحبّ الله منّا الاستغفار والتوبة واتّخاذ قرار الكفّ عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، ويكره لنا الإصرار والدوام والثبات عليها.٣
٤. يتقبّل الله من العباد عودتهم إلى الطاعة بعد المعصية؛ لأنّه تعالى يحبّ التوّابين.٤
أهم موارد التوبة:
أهم الموارد التي تستحق التوبة والاعتذار منها إلى الله تعالى:
١. مظلوم ظلم بمحضرنا فلم ننصره. ٢. معروف أعطي لنا فلم نشكره.
٣. مسيء اعتذر منّا فلم نعذره. ٤. فقير سألنا فلم نلبّي طلبه.
٥. حقّ مؤمن لزمنا فلم نؤدّيه. ٦. عيب مؤمن ظهر لنا فلم نستره.
٧. إثم عرض لنا فلم نهجره.٥
٩٦الاستعانة بالله في التوبة:
يعتبر نيل التوفيق الإلهي أهم وسيلة للتوبة والعزيمة على ترك الذنوب والمعاصي.
وأبرز وسيلة للحصول على هذا التوفيق هو الدعاء وطلب العون من الله ليرزقنا حسن الإنابة، ويطهّرنا بالتوبة، ويصلح أمورنا بالعافية، ويذيقنا حلاوة المغفرة، ويحرّرنا بعفوه من الخطايا وتبعات الآثام، ويعتق رقابنا برحمته من عبوديتها للذنوب والمعاصي.١
الإنسان في مقام التوبة:
١. عندما يقف الإنسان المذنب وحيداً فريداً بين يدي الله ويخفق قلبه من خشية الله، وتضطرب أركانه من هيبة الله.
فإنّه يدرك ذلك الحين قيمة التوبة؛ لأنّ الذنوب ستجعله في مقام الخزي أمام الله عزّوجل.
ويحتار الإنسان في ذلك الوقت:
إن سكت لم ينطق عنه أحد.
وإن جاء دور الشفاعة فإنّه يعلم بأنّه ليس ممن يستحق الشفاعة.
٩٧فيكون هذا الإنسان في ذلك الوقت أحوج ما يكون إلى رحمة الله وكرمه وعفوه وفضله؛ ليشفع في خطاياه بكرمه.
ويقابل سيّئاته بعفوه.
ولا يخزيه بعقوبته.
ويبسط عليه بفضله.
ويغمره بستره وغفرانه.
ويفعل به فعل عزيز تضرّع إليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرّض له عبد فقير فبعث فيه الحياة والأمل.١
٢. يكون الإنسان عند التوبة في مقام العائذ بالله ومحلّ المعترف له.٢
٣. يكون الإنسان عند التوبة في مقام من استحيا لنفسه من الله، وسخط عليها، ورضي عن الله؛ ولهذا فإنّه يتوجّه إلى الله بخشوع وخضوع، وبظهر مثقل من الخطايا، واقفاً بين الرغبة إلى الله وبين الرهبة منه.٣
٤. يكون الإنسان في مقام التائب أقرب إلى نيل فضل الله وعفوه إلّا مع وجود موانع تحرمه من هذا الفضل والعفو الإلهي وتجعله من الخائبين.٤
٩٨٥. التائب هو الذي يقف أمام الله ويمدّ يده إليه تعالى، مقرّاً بأنّها الأيدي الأثيمة التي ارتكبت الذنوب والمعاصي، ومعترفاً بأنّه ممن قادته أزمّة الخطايا، واستحوذ عليه الشيطان، فقصّر عمّا أمر الله به تفريطاً، وارتكب ما نهاه الله عنه، كأنّه غافل عن عاقبة الأمور، وجاهل بقدرة الله عليه، ومنكر لفضل إحسان الله إليه.
ولكن عندما انفتح له بصر الهدى، وتقشّعت عنه سحائب العمى، أحصى ما ظلم به نفسه، وفكّر فيما خالف به ربّه، فأدرك فداحة عصيانه وهول مخالفته، فأقبل نحو الله مؤمّلاً له ومستحيياً منه، ووجّه رغبته إليه وهو واثق به، وقصده موقناً بأنّ رحمته أوسع من ذنبه، وتوجّه إليه بإخلاص من منطلق الخوف والخشية منه تعالى.١
التوبة والندم:
١. الندم إزاء ارتكاب السيّئات والعزم على تركها نوع من أنواع التوبة.٢
٩٩٢. الندم توبة، وترك المعاصي إنابة، والاستغفار حطّة للذنوب.١
آداب التوبة:
١. التوجّه إلى الله بقلب طاهر.٢
٢. الدعاء بصوت ملؤه الحزن والأسى والخشية.٣
٣. التوجّه إلى الله بمنتهى الخشوع
والتواضع والانكسار بحيث يكون التائب مطأطئ الرأس، منحني الظهر، وقد أحاطت الرعشة
بقدميه فجعلته يرتعد
وقد اصطكّت فرائصه، وفاضت عيناه بالدموع بحيث سالت دموعه على خديه.٤
٤. الالتفات إلى أنّ الله لا يعظم عليه العفو عن الذنب العظيم، ولا يصعب عليه التجاوز عن الإثم الكبير، ولا يشقّ عليه التجاوز عن الجرائم والجنايات القبيحة جدّاً.٥
٥. الخوف والإشفاق والوجل من تبعات وآثار الذنوب التي صدرت منه.٦
١٠٠٦. الخجل والاستحياء من الله إزاء الذنوب والمعاصي التي ارتكبها.١
٧. الندم إزاء ارتكابه المعاصي والذنوب والآثام.٢
٨. الوقوف بين يدي الله مبدياً لفقره وفاقته ومسكنته، وأن يكون بمغفرة الله أوثق منه بعمله، وأن يعي بأنّ مغفرة الله ورحمته أوسع من ذنوب عباده.٣
٩. الوقوف بين يدي الله وقوف المستسلم الخاضع الذليل المعترف بذنوبه، ولسان حاله: إلهي إن تعذّبني فإنّي لذلك أهل وهو يا ربّ منك عدل، وإن تعف عنّي فقديماً شملني عفوك وألبستني عافيتك.٤
١٠. التحلّي بالمسكنة والاستكانة والشفقة والخوف والوجل والفقر والاضطرار.٥
١١. الاعتراف بالضعف في الانتباه إلى طاعة الله عزّ وجل.٦
١٢. الاعتراف بقلّة الالتفات إلى وعيد الله، وغفلتنا من غضبه وسخطه.٧
١٣. الاعتراف باندفاعنا من دون تفكير وبدون روية وبصورة غير متزنة نحو الباطل.٨
١٠١١٤. الاعتراف بالإساءة والخطأ والزلل.١
١٥. الاعتراف بالاجتراء والتعمّد في ارتكاب المعاصي.٢
١٦. الاعتراف بأفعالنا القبيحة وكثرة تبعاتها وآثارها السيّئة.٣
١٧. الإقرار بالجرم والإساءة إلى النفس.٤
١٨. الاعتراف بإلقاء النفس في طول العناء الدنيوي والأخروي.٥
١٩. الاعتراف بأنّنا جنينا على أنفسنا وأوقعنا أنفسنا في التهلكة؛ لأنّنا خشينا من عباد الله وحذرنا منهم، ولم نهاب الله ولم نحذره، ولم نرهب سطوة الله وبطشه، ولم نخف بأسه وشدّة عقوبته وأليم عذابه.٦
٢٠. الاعتراف بالذنب والتصريح أمام الله بأنّه أمرنا فعصيناه ونهانا فتمرّدنا عن نهيه، وأنّنا تجاوزنا حدوده عزّ وجل، وانتهكنا حرماته، وارتكبنا كبائر ذنوبه.٧
تنبيه: الاعتراف بالذنب وتوبيخ النفس ـ بين يدي الله عزّوجل ـ يكون من باب طمعنا في رأفة الله وسبيلاً لنيل رحمته والفوز بمغفرته.٨
١٠٢٢١. الاعتراف بعجز إحصائنا لعيوبنا ومعاصينا لكثرتها واتّساع كمّيتها.١
٢٢. الاعتراف بين يدي الله بأنّ ذنوبنا سلبت منّا قدرنا ومنزلتنا، وألبستنا لباس الذلّ والحقارة.٢
٢٣. الاعتراف بقلّة الحياء.٣
٢٤. التوجّه إلى الله ورجاء عظيم عفوه الذي يعفو به عن الخاطئين.٤
٢٥. التكلّم مع الله بصفة العبد:
* الذليل.
* الظالم لنفسه.
* المستخف بحرمة ربّه.
* الذي عظمت ذنوبه بحيث أصبح أمرها جسيماً في خطورته وضرره.
* الذي أدبرت أيامه فانقصت [أي: تقدّم به العمر]، ومضت أيام شبابه من غير رجعة.٥
٢٦. الاعتراف لله بأنّنا لم نستسلم وقت إحسانه إلّا بالامتناع عن عصيانه.٦
١٠٣ ١٠٤٢٧. السؤال من الله سؤال البائس المحتاج بشدّة.١
٢٨. السؤال من الله بخجل واستحياء.٢
٢٩. السؤال من الله سؤال من استكثر ذنوبه واعترف بخطيئته.٣
٣٠. السؤال من الله سؤال من اشتدّت فاقته وضعفت قوّته وكثرت ذنوبه، سؤال من لا يجد لفاقته مغيثاً ولا لضعفه مقوّياً ولا لذنبه غافراً غير الله عزّوجل.٤
«مولاي ارحم كبوتي لحرِّ وجهي، وزلّة قدمي، وعُد بحلمك على جهلي، وبإحسانك على إساءتي، فأنا المقرّ بذنبي المعترف بخطيئتي، وهذه يدي وناصيتي أستكين بالقود من نفسي، ارحم شيبتي، ونفاد أيامي، واقتراب أجلي، وضعفي ومسكنتي، وقلّة حيلتي».٥
تنبيهان:
١. يجدر بنا عند طلب المغفرة لأنفسنا أن نطلب ذلك أيضاً لغيرنا من عباد الله الصالحين.٦
١٠٥٢. ننسى بعض الأحيان ارتكابنا لبعض الذنوب، فنغفل عن الاستغفار والتوبة، وهذا ما يدعونا عند التوبة أن نطلب منه تعالى ليغفر لنا جميع التبعات، سواء كانت التبعات التي لنا علم بها أو التبعات التي نسيناها، وكلّهن بعين الله التي لا تنام، وعلمه الذي لا ينسى، ونسأل الله أن يحطّ عنّا وزرها، ويخفّف عنّا ثقلها، ويعصمنا من اقتراف مثلها.١
الحالات المطلوبة عند الإنابة:
١. التذلل لله.
٢. الاستكانة لله .
٣. حسن الظن بالله.
٤. الثقة بما عند الله.
٥. الرجاء بالله.
٦. الشعور بالغربة.
٧. الشعور بالذلّة أمام الله.
٨. الشعور بالبؤس والهوان.
٩. الشعور بالفقر في كلّ شيء لله.
١٠. الشعور بالخوف والوجل من الله.
١٠٦١١. الاستجارة بالله.
١٢. الخشية من الله.
١٣. التضرّع إلى الله.
١٤. الاستعاذة بالله.
١٥. الالتجاء إلى الله.
١٦. التواضع أمام الله.
١٧. مراعاة الأدب والنزاهة مع الله.
١٩. تصغير النفس أمام الله.١
الحالات القلبية والنفسية المطلوبة حين التوبة:
١. الأمل بالله. ٢. الاستحياء من الله.
٣. الرغبة في الله. ٤. الثقة بالله.
٥. الإيقان بأنّ رحمة الله أوسع من ذنبه. ٦. الخوف من الله.
٧. القصد بإخلاص. ٨. الطمع بالله فقط.
٩. الفزع من الله فقط. ١٠. التواضع لله.
١١. التذلّل لله. ١٢. التضرّع إلى الله.
١٠٧١٣. الخضوع لله. ١٤. الخشوع لله.
وبهذه الحالات يبادر التائب إلى:
١. كشف همومه لله. ٢. بثّ أسراره إلى الله.
٣. عدّ ذنوبه أمام الله.
ثُمّ يستغيث العبد بالله من عظيم ذنوبه وقبيح ما فضحه في حكم الله.١
طلب التوبة:
أفضل ما ينبغي لنا الاتّصاف به عند طلبنا التوبة هو الحياء من الله عزّوجل إزاء ارتكابنا للأفعال السيّئة٢، وينبغي أن يتجلّى هذا الحياء في وجودنا بالأشكال التالية:
١. فيضان دموع العين نتيجة الخوف من الله تعالى.٣
٢. خفقان القلب نتيجة الخشية من الله تعالى.٤
٣. خضوع الجوارح نتيجة الهيبة من الله تعالى.٥
١٠٨٤. خَمَد الصوت وعدم القدرة على رفعه بالاستغاثة.١
٥. عجز اللسان عن الدعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجل.٢
الأقربون إلى الغفران الإلهي:
١. كلّما يكون العبد عند التوبة صاغراً، ذليلاً، خاضعاً، خاشعاً، خائفاً، معترفاً بعظيم ذنوبه، وجليل خطاياه، مستجيراً بصفح الله، لائذاً برحمته، مؤمناً بأنّه لا يجيره منه مجير، ولا يمنعه منه مانع، فإنّه سيكون أقرب إلى نيل العفو والغفران الإلهي.٣
٢. إذا أمرنا الله بطاعته ونهانا عن معصيته فخالفناه، ولم تكن مخالفتنا من منطلق العناد والاستكبار، بل كانت من منطلق تلبية الهوى والانخداع بإغواءات الشيطان، وكنّا عارفين بوعيد الله، وراجين عفوه، وواثقين بتجاوزه، ثُمّ أقررنا على أنفسنا بالإساءة والذنوب، واعترفنا لله بارتكاب السيّئة، فإنّنا سنكون أقرب إلى نيل العفو الإلهي ممن لم تمتلك توبته هذه المواصفات.٤
٣. الرحمة الإلهية أقرب للتائب الذي يتوسّل إلى الله باستمرار، ويبدي تذلّـله
١٠٩وشدّة مسكنته، ويعترف بسوء موقفه بين يدي الله تعالى.١
٤. المغفرة الإلهية أقرب للباكي والمتذلّل بين يدي الله تعالى.٢
٥. الوقوف بين يدي الله والإقرار أمامه بقبح ما ارتكبناه من أفعال سيّئة، وإظهار الخوف والخشية من سخطه تعالى ومقته، يقرّبنا إلى غفرانه تعالى والنجاة من عذابه.٣
٦. إذا وفدنا إلى الله ليغفر لنا.
وقصدناه ليسامحنا ويتجاوز عن ذنوبنا.
وتوجّهنا نحوه بشوق ولهفة ليعفو عنّا.
واعتمدنا ووثقنا بفضله عزّوجل.
ونحن على يقين بأنّنا:
ليس لنا ما يوجب لنا مغفرة الله.
وليس لنا ما نستحق به عفو الله.
وليس عندنا شيء بعد أن حكمنا على أنفسنا إلّا فضل الله.
فلن يكون نصيبنا ـ إن شاء الله ـ إلّا الدخول في دائرة لطف الله وفضله وإحسانه.٤
١١٠نداء الله حين التوبة:
النداءات التي يحسن دعوة الله بها عند التوبة١:
١. «أي أرحم الراحمين».
٢. «يا أرحم من انتابه المسترحمون».
٣. «يا أعطف من أطاف به المستغفرون».
٤. «يا من عفوه أكثر من نقمته».
٥. «يا من رضاه أوفر من سخطه».
٦. «يا من تحمّد إلى خلقه بحسن التجاوز».
٧. «يا من عوّد عباده قبول الإنابة».
٨. «يا من استصلح فاسدهم بالتوبة».
٩. «يا من رضي من فعلهم باليسير».
١٠. «يا من كافى قليلهم بالكثير».
١١. «يا من ضمن لهم إجابة الدعاء».
١٢. «يا من وعدهم على نفسه بتفضّله حسن الجزاء».
آثار التوبة:
١. التوبة تصون الإنسان من شقاء النقمة الإلهية.٢
١١١٢. التوبة تصون الجوارح من تبعات الذنب الذي ارتكبه الإنسان بها، وتجعل صاحبها في أمان ممّا يخاف المعتدون من أليم سطوة الله وبطشه.١
٣. التوبة تقوم بإصلاح هذا الفساد الناتج من الذنوب في نفس الإنسان.٢
٤. التوبة تطهّر القلب والنفس من الشوائب والأدران والأوساخ المعنوية للذنوب والمعاصي.٣
بعبارة أخرى: دنس وأوساخ العصيان ودرن الخطايا والذنوب بحاجة إلى تطهير، فإذا طهّر الإنسان قلبه ونفسه بالتوبة، فسيلبسه الله بعد ذلك لباس العافية، ويحيطه بنعمه الواسعة وفضله العظيم، ويؤيّده ويوفّقه ويسدّده بلطفه، ويعينه على النيّة الصالحة والقول المرضي والعمل الحسن.٤
٥. التوبة النصوح تؤدّي إلى محو جميع ذنوب العبد الكبيرة والصغيرة، والمرتكبة في العلانية أو في الخفاء.٥
٦. يعرض الله عنّا بسبب سوء أفعالنا، ويتركنا في دائرة الحرمان من ألطافه الخاصة، ولكن تقل نسبة هذا الإعراض عندما نقبل عليه ونرغب فيه ونتوجّه
١١٢ إليه بتواضع وخشوع من باب التوبة والإنابة.١٧. يشعر الإنسان بعد التوبة ببرد وطيب وهناء ولذّة خاصّة، نتيجة طهارة قلبه من شوائب وأدران الذنوب والمعاصي.٢
٨. التوبة ضدّ اليأس، ولا يوجد أيّ داعي للقنوط واليأس من الرحمة الإلهية، وقد فتح الله باب التوبة أمامنا.٣
كسر التوبة:
من شقوة العبد أنّه يعود إلى المعصية مرّة أخرى بعد التوبة.٤
كمال التوبة:
كمال التوبة أن يقرّر الإنسان عدم نقض توبته، وعدم العودة إلى ذنبه وخطيئته بحيث لا تحتاج توبته إلى توبة أخرى، بل تكون توبته هذه موجبة لمحو ما مضـى والسلامة فيما بقي.٥
شروط قبول التوبة الكاملة:
من شروط قبول التوبة الكاملة أن يتوب الإنسان من:
١١٣١. كبائر ذنوبه وصغائرها.
٢. بواطن سيّئاته وظواهرها.
٣. خطاياه القديمة والحديثة.
توبةً بحيث:
أوّلاً: لا يحدّث نفسه بعدها بمعصية.
ثانياً: لا يضمر أن يعود في خطيئة.
ثالثاً: يعطي لله شرطاً بأن لا يعود إلى ارتكاب ما يكره الله.
رابعاً: يعطي لله ضماناً بأن لا يرجع إلى فعل ما ذمّه الله.
خامساً: يعطي لله عهداً بأن لا يتقرّب إلى جميع معاصي الله.١
موانع كسر التوبة:
ينبغي على الشخص الذي لا يريد معاودة ارتكاب الذنوب أن يقوم بحلّ المشكلة من جذورها، وإزالة دوافع ارتكاب الذنوب عن طريق طلب العلم واكتساب البصيرة.٢
تجديد التوبة:
يجدر بنا تجديد التوبة في بداية كلّ شهر، والاستعانة بالله لنيل العصمة التي
١١٤تمنعنا من ارتكاب الخطايا والآثام خلال الشهر المقبل، والسؤال من الله ليحفظنا في الشهر الجديد من مباشرة معصيته، وأن يلهمنا ويوفّقنا في هذا الشهر لشكر نعمه، ويلبسنا فيه رداء الصحّة والعافية، ويكمّل علينا ذلك بتوفيقنا إلى طاعته والالتزام بأمره.١
رغبة الله في دوام توبة العبد:
١. يحبّ الله منّا الاعتراف صباحاً ومساءً بقلّة أعمالنا، والإقرار بذنوبنا وخطايانا، والإذعان بإسرافنا على أنفسنا، والالتفات إلى وقوعنا في أودية الذلّ والمهانة نتيجة ارتكابنا للذنوب.٢
٢. أحبّ العباد إلى الله العبد الذي يخضع للأوامر الإلهية، ويبرأ إلى الله من الاستكبار، ويتجنّب المداومة على الذنب، ويتعوّذ بالله من الإصرار على المعاصي، ويداوم على الاستغفار إزاء ما قصّر.٣
التوبة وحسن العاقبة:
حياة كلّ واحد منّا تنقضي، وعمر كلّ واحد منّا يفنى، ولابدّ من استجابة دعوة ملك الموت، والرجوع إلى الله، ولكن ما أجمل بنا أن نرجع إلى الله
١١٥وصحيفة أعمالنا مختومة بتوبة مقبولة، ساترة لكلّ أعمالنا السيّئة السابقة، فيستقبلنا الله معزّزين مكرّمين، ولا يفضحنا أمام الخلائق.١
التوحيد والشرك والإلحاد
التوحيد: لا إله إلّا الله.٢
الشرك: أحقر العباد عند الله من يرزقهم وهم يعبدون غيره.٣
الإلحاد: يجنّب الله عباده من الإلحاد والشك في أمره.٤
التوسّل
أهمية التوسّل:
يوجب توسّلنا بمحمّد وآل محمّد في الدعاء استجابة الله لدعائنا وصيانتنا من لخيبة.٥
أهم موارد التوسّل بها إلى الله تعالى:
١. اسم الله العظيم الذي أمر رسوله أن يسبّحه به.٦
١١٦وإحدى موارد التوسّل بأسماء الله التوسّل بالمخزون من أسمائه تعالى، وهو الاسم الذي لم يطلع عليه الله أحداً من أنبيائه وأوصيائه.١
٢. التوسّل إلى الله بجلال وجهه الكريم.٢
٣. التوسّل إلى الله بنبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله) وولاية عليّ (عليه السلام) وما لهما من درجات رفيعة ومقام كريم عند الله عزّوجل.٣
التوفيق الإلهي
إنّنا بحاجة في مسير حياتنا إلى التوفيق والتسديد والتأييد الإلهي٤، ولا سيّما من أجل نيل الرضوان الإلهي والوقاية من عقابه تعالى، حيث نكون في هذه الحالة بأشدّ الحاجة إلى توفيق إلهي نابع من رحمته تعالى؛ ليكون هذا التوفيق سلّماً نعرج به إلى رضوانه تعالى، ونأمن من عقابه عزّوجل.٥
التوكّل على الله
١. إنّ الله هو الملجأ الحقيقي الوحيد الذي يستحق التوكّل عليه.٦
١١٧٢. من يتوكّل على الله يكفيه الله، ولا يخيّب الله أبداً من يتوكّل عليه.١
التحلّي بصدق التوكّل:
من أراد التحلّي بصدق التوكّل على الله، فعليه أن يطلب ذلك من الله عزّوجل.٢
من آثار التوكّل على الله:
من آثار التوكّل على الله نيل المبتغى، وتحقيق الأماني، والحصول على المطلوب.٣
الثواب والعقاب
الثواب:
ضمن الله جزاء المحسنين٤، وهو لا يضيّع أجرهم أبداً.٥
التفضّل الإلهي في الثواب:
١. يثيب الله عباده إزاء أعمالهم العبادية، وكأنّهم قاموا بها باستطاعتهم الذاتية لا بتوفيقه تعالى، ولكن الله ـ في الواقع ـ هو مالك لما ملّك عباده من قدرة واستطاعة، وهو المتفضّل على العباد بجعل الثواب إزاء أعمالهم العبادية.
١١٨والعبد لا يؤدّي الطاعات الإلهية إلّا بتوفيق الله وفضله أوّلاً وآخراً.١
٢. يكافئ الله ـ بتفضّله ـ القليل من أعمال العباد الصالحة بالكثير من الأجر والثواب الدائم.٢
٣. الكرم والتفضّل الإلهي واضح جدّاً في تعامله مع من أطاعه أو عصاه.
فإنّه يشكر المطيع ويزوّده بأسباب الوصول إلى رضاه تعالى.
ويمهل العاصي ولا يؤاخذه فوراً لعلّه ينيب إليه تعالى.
ويعطي الله كلّا ً من المطيع والعاصي ما لم يستحق، ويحسن إلى كلّ منهما بما لا يستحق من عمله.
ولو كافأ الله العبد على ما وفّقه من طاعة لأوشك أن يفقد هذا العبد ثوابه وتزول عنه النعم الإلهية، ولكنّه تعالى يجازيه بكرمه على المدّة القصيرة الفانية بالمدّة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة والأهداف والمقاصد الدنيوية بالغاية المديدة الباقية، وهذا منتهى الكرم الإلهي العظيم.٣
١١٩٤. لو أراد الله أن يلاحظ في محاسبته للعباد ما منحهم من قدرة وأسباب لم يبق لهم شيئاً يستحقون به الثواب، ولكنّه تعالى يتفضّل على العباد ويحاسبهم وكأنّه ملّكهم القدرة والأسباب التي أعطاها إياهم.١
بصورة عامّة: يتعامل الله مع العبد بمنتهى الفضل والكرم والإحسان، بحيث يمكن القول بأنّ العبد الهالك ما أشقاه بحيث لم يشمله هذا الكم الهائل من الفضل والكرم والإحسان الإلهي.٢
الثواب ومضاعفة الحسنات:
١. دعانا الله إلى تجارة مربحة، وفتح لنا أبواب رحمته، فزاد في الثمن وأعطى الزيادة.
فقال تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْـرُ أَمْثَالِهَاوَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ (الأنعام: ١٦٠)
وقال عزّوجل: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء﴾ (البقرة: ٢٦١)
وقال تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾
١٢٠ (البقرة: ٢٤٥)وغيرها من الآيات القرآنية الدالّة على أنّه تعالى يضاعف الحسنات.
ولم يقصد الله من هذه الزيادة وإعطاء الثواب الكثير على العمل القليل إلّا تقديم الربح للعباد في تجارتهم معه، ومنحهم الفوز والسعادة حين القدوم عليه.١
٢. يزيد الله في حسنات العبد ويضاعفها عشر أمثالها؛ لتنمو وتزدهر وتكون ذات عاقبة جيّدة.
ويتجاوز الله عن سيّئات العبد حتّى يعفو عنها ويمحو أثرها وكأنّ العبد لم يدنو منها أبداً.٢
الثواب إزاء الأعمال الصغيرة:
يتصوّر البعض بأنّ الله لا يتقبّل من الأعمال الصالحة إلّا الأعمال العظيمة والمعتدّ بها، ولكنّه تعالى ـ في الواقع ـ يتقبّل كلّ الأعمال الصالحة، ولا يدع أيّ عمل ـ مهما كان صغيراً ـ من دون ثواب.٣
موارد تفرّد الله في إثابة العبد:
يتفرّد الله وحده لإثابة من كان وفيّاً له في طاعته، ومن أتعب نفسه في ذات
١٢١الله، وبذل قصارى جهده من أجل نيل مرضاته تعالى.١
من طرق الإثابة الإلهية:
يثيب الله ـ بعض الأحيان ـ عباده عن طريق تبديل سيّئاتهم إلى حسنات.٢
العقاب الإلهي:
كلّ ما يقوم به العبد من تقصير في أوامر الله، وتعدّي على حدود الله، وتجاوز على أحكام الله، فإنّه يستحق إزاء ذلك المؤاخذة والمحاسبة والمعاقبة من قبل الله عزّوجل.٣
الفرار من العقاب الإلهي:
لا يستطيع المذنب التخلّص من العقاب الإلهي عن طريق الالتجاء إلى الهروب والفرار؛ لأنّه أينما يذهب فإنّه في ظلّ هيمنة الله وسلطانه.٤
فداحة العقاب الإلهي:
إنّنا لا نطيق حرّ الشمس، فأنّى لنا تحمّل نار جهنم.
إنّنا لا نطيق صوت الرعد، فأنّى لنا تحمّل صوت غضب الله عزّوجل.٥
١٢٢المعاقبة والاستهزاء والاحتقار:
إحدى عقوبات الله لعباده المذنبين أنّه يسخر منهم، ويستهزء بهم، ويذيقهم طعم استهزاء وإهانة واحتقار الآخرين لهم.١
رجاء التخلّص من العقاب الإلهي:
لو كان عذابُنا مما يزيد في ملك الله لأحببنا هذا العذاب، وسألنا الله الصبر عليه، ولكن حيث لا يزيد عذابنا شيئاً في ملك الله، فإنّنا نسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته الواسعة، وأن يتجاوز عنّا، ويتوب علينا؛ لأنّه هو التوّاب الرحيم.٢
الذريعة لإنقاذ النفس من العقاب:
أهم ما نستطيع أن نجعله ذريعة ننقذ به أنفسنا من العقاب الإلهي هو أنّنا وحّدنا الله، ولم نشرك بالله شيئاً، ولم نتّخذ معه إلهاً.٣
العقاب الإلهي والعدل الإلهي:
١. لا يعاقب الله أحداً إلّا من منطلق إنصافه وعدله.٤
٢. العقاب الإلهي في منتهى الإنصاف والعدل، وليس فيه ذرّة من الظلم
١٢٣ والجور؛ لأنّه تعالى بيّن الحقّ، وأتمّ الحجّة، وتقدّم بالوعيد، وتلطّف في الترغيب، وضرب الأمثال، وأطال الإمهال، وأخّر العقوبة، وتأنّى في الجزاء لعلّهم إلى ربّهم ينيبون.١٣. لا يتجاوز الله حدود العدل في عقاب من عصاه، بل يكون عقابه دائماً أقل مما يستحقه أهل العذاب.٢
٤. يحكم العقل البشري والضمير الإنساني بأنّ الله غير ظالم لمن عاقبهم.٣
٥. لا يرغب الله في معاقبة العباد، وإنّما العباد هم الذين يظلمون أنفسهم، فيستحقون بذلك الجزاء والعقوبة.٤
طلب المغفرة إزاء الذنوب السهوية:
إذا صدر منّا ـ بصورة مباشرة أو غير مباشرة ـ أذىً إزاء الآخرين، أو ارتكبنا ظلماً في حقّهم، ولم نقدر في الدنيا من إيصال حقّهم إليهم، فإنّنا نسأل الله أن يتعامل معنا ـ يوم القيامة ـ بفضله فيرضي هؤلاء بغناه، ويوفيهم حقوقهم كاملة من عنده تعالى، وأن لا يتعامل معنا بعدله؛ لأنّنا لاقوّة لنا على تحمّل نقمته وغضبه تعالى، ولا طاقة لنا على تحمّل سخطه وعذابه.٥
١٢٤سبيل التخلّص من عذاب الاستئصال:
إذا أراد الله إنزال العذاب على قوم نتيجة ظلمهم لأنفسهم، فلا يمكن النجاة للفرد الذي يعيش بين أوساط ذلك القوم إلّا عن طريق الالتجاء إلى الله، والطلب منه تعالى لينجيه منه.١
دور النيّة في الثواب والعقاب:
لا يكون لنا ـ أحياناً ـ القوّة البدنية أو المالية الكافية لأداء بعض الفرائض الإلهية ـ سواء كانت هذه الفرائض من حقوق الله أو حقوق العباد ـ أو يعترينا النسيان أو الغفلة عن أداء ما ألزمنا الله به، فتحجبنا هذه الأمور عن نيل الثواب العظيم الذي يتمّ الحصول عليه إزاء هذه الفرائض.
ولكن الله واسع كريم، وعطاؤه جزيل، فإذا علم الله بحسن نوايانا أو اطّلع على توسّلنا به لتعويضنا، فإنّه سيكتب لنا ثواب ما فاتنا.
وإذا كان ما فاتنا من «حقّ الله»، فسيسامحنا الله إزاء ظلمنا لأنفسنا.
وإذا كان ما فاتنا من «حقّ العباد»، فسيعوّض الله أولئك الذين ظلمناهم ويرضيهم بحيث لا يبقى في صحيفة أعمالنا شيء نعاقَب عليه.٢
١٢٥ السابق اللاحق