المؤلفات » التوحيد عند مذهب أهل البیت (علیهم السلام)
مقدمة المؤلف :
كلّما يكون الإنسان "أعلم" بمسائل التوحيد فإنّه سيكون "أقدر" على توسيع آفاق رؤيته الكونية، وارتقاء مستواه الديني في الصعيد الفكري والمعرفي، وامتلاك العقيدة الدينية الحقّة .
ولهذا تمّ تأليف هذا الكتاب، فإنّه كتاب يستهدف بيان عقيدة أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) حول الأصل الأوّل من أصول الدين .
وقد حاولت في هذه الدراسة بيان المعلومات العقائدية المرتبطة بالتوحيد بصورة شاملة وميسّرة وعلى شكل فقرات موجزة وتقسيمات واضحة تستهدف مساعدة القارئ على امتلاك عقيدة توحيدية ذات قواعد معرفية متينة وبنية علمية رصينة .
ومن الأُمور المهمّة التي أودّ الإشارة إليها في هذه المقدّمة أن الشعور بالتعطّش إلى الحقائق المرتبطة بالتوحيد هو الذي يدفع الإنسان نحو البحث عن هذه الحقائق، أما الذي يعيش حالة الاستغناء المعرفي ـ ولا سيما نتيجة الرغبة في البقاء على الموروث العقائدي ـ فإنّه لا يشعر بالحاجة نحو هذه البحوث ولا يجد في نفسه الدافع والمحفّز للانجذاب نحوها .
والأمر الآخر الذي أودّ الإشارة إليه أنّ مضامين هذا الكتاب لا تمنح القارئ إلاّ "العلم" بالحقائق المرتبطة بالتوحيد .
و"العلم" لا يشكّل العلّة التامة لنيل البصيرة، وإنّما هو جزء العلّة، والجزء الآخر هو ارتفاع الموانع عن القلب .
وأبرز هذه الموانع هى الآثار التي تتركها الذنوب والمعاصي على القلب بمختلف الأشكال المعبر عنها بالزيغ والرين والأدران .
وبمقدار وجود الحواجز بين القلب والعلم يقلّ مقدار انتفاع الإنسان من نور العلم، لأنّ العلم لا يترك أثره في القلب إلاّ بمقدار طهارة القلب من الأدران
|
الصفحة 6 |
|
والشوائب .
ولهذا نجد أشخاص لديهم "العلم" بوجود اللّه وصفاته، ولكنّهم في مقام "العمل" لا فرق بين عملهم وعمل الجاحدين بوجود اللّه عزّ وجلّ .
بل قد نجد أشخاص يحملون قبساً من نور العلم ويضيئون به الدرب للآخرين، ولكنّهم لا ينتفعون من هذا النور أبداً; لأنّ قلوبهم تعيش في الظلام نتيجة وقوعها في أسر حجب الأهواء والشهوات وتلوّثها بأدران الشوائب .
والسبيل لإزالة هذه الأدران والشوائب هو تهذيب النفس في الواقع العملي وكبح جماحها أمام مغريات الحياة .
وعموماً; فليس العلم هدفاً بالذات، وإنّما هو وسيلة يتقرّب به الإنسان إلى كماله الحقيقي .
والعلم الذي لا يترك أثره المطلوب فإنّه يعدّ مجرّد مفاهيم يختزنها الإنسان في ذهنه في الدنيا، وسيكون هذا العلم وبالاً وحجّة عليه في الآخرة .
والهدف الحقيقي ـ في الواقع ـ هو بلوغ مرحلة البصيرة والارتواء من معين الإيمان باللّه تعالى، والنهوض بكلّ حيوية نحو حياة مفعمة بتقوى اللّه عزّ وجلّ .
علاء الحسّون
|
الصفحة 7 |
|